في ليلة شتاء في السابع و العشرين من تشرين الاول و بعد منتصف الليل ذهبت الى غرفتي و انسللت في سريري ، لمحته من بعيد،هو خلف النافذه يدق عليها بانامله الفضيه عازفا لي لحن الحياة،يا ترى اهو سراب ؟ولكن يا عجبي من سراب في ليلة شتاء انتحبت فيها السماء . انسللت من سريري و شددت الرحال و عزمت على رحلتي نحو النافذه لأراه و على الرغم من ان المسافه بين سريري و نافذة غرفتي لا تتجاوز المتر الا انها كانت اطول رحله قطعتها في حياتي .
كان يرتدي كنزة زرقاء،
فحملت مجدافي وأطلقت اشرعتي و أبحرت فيها لعلي ارى وجهه،نعم لعلي اصل تلك الشمس الغاربة خلف المحيط ولكنني اجدف و اجدف و اطلب العون من كل قطره ومن كل موجه و الشمس تبتعد شيئا فشيئا و رحلتي تزداد طولا.
كان شامخا،
اأخذت اوتادي و حبالي و بدأت اتسلق لعلي ارى وجهه لعلي اصل الى تلك الزهرة الجورية على قمة الجبل و كنت كلما اغرس وتدي تنزف اناملي احساسا تحول الصخر ماسا.لكن هبت رياح انتزعت الجوريه من اعلى الجبل و انطلقت بها بعيدا و رحلتي تزداد طولا
كان شعره حالكا ،
فحملت شمعتي و انطلقت فيه انطلقت في سواده لعلي ارى وجهه لعلي المح بصيص النور ولكن الفجر لم ياتي و طال انتظاري و شمعتي تتناقص وانا اقبضها واحس بزيتها في اصابعي حتى انقطع نورها فتهت في ذلك السواد و طالت رحلتي.
كانت عيناه رمليتان ،
فطويت خيمتي و سرت في صحرائهما و غدوت اردد اهازيجا يصف الشطر الاول فيها اخر شطر لعلي ارى وجهه لعلي ألمح الديار من خلف كثبان الرمال حتى ولو كانت سرابا ولكن الزوبعه اجتثت تلك الديار ، يا الهي متى ستنتهي رحلتي؟هل سأصل الى النافذه و أرى وجهه؟
كانت بشرته بيضاء مثل قلبه ،
فارتديت معطفي و سرت بين الثلوج,أكاد اتجمد ولكنني اقول في نفسي:لعلي ارى وجهه لعلي ارى الشلال الدافئ يندفع من بين تراكمات الثلوج ولكن الاعصار طمر شلال وجهه الدافئ و طالت رحلتي ....طالت رحلتي ،ما احسست يوما ان غرفتي واسعه بهذا القدر،ما احسست يوما ان نافذتي بعيدة خلف الكون الا في تلك الليله!
لكنني وصلت نعم وصلت و عشيت عيناي من نور وجهه ثم ابتسم ابتسامة ما رأيت مثلها،ابتسامة حملت براءة الاطفال و حكمة الرجال،ابتسامة انستني شقاء رحلتي وتعب الطريق،ثم خط اسمه المكون من أربعة أحرف على بخار النافذة المبللة ثم أدار وجهه ورحل مبتعدا صامتا كما كان دائما كحلم جميل كنسمة صيف كذكرى في حياتي.
تأليف:roaa